يُجمع عديد المواطنين أن وسائل الإعلام لها تأثير قوي ومباشر على الفرد والمجتمع يكاد يبلغ حد السطوة والهيمنة، بينما يرى البعض أن تأثير وسائل الإعلام محدود إذا ما قورن بالتأثير الذي تحدثه عوامل أخرى أطلقوا عليها العوامل الوسيطة كالأسرة والمجتمع وقادة الرأي، وعوامل أخرى كثيرة.
ويلقي كثير من سكان غرداية باللائمة على وسائل الإعلام المكتوبة، ويحملونها مسؤولية تأجيج الصراعات بين المتساكنين بدعوى "تهويل" الأحداث أو استعمال عبارات في غير محلها كمصطلح "مالكية وإباضية". هذا اللوم له جانب من الصحة لأن النزاعات التي تشهدها الولاية لا تمت بأي صلة في الواقع بالمذهبية، فالتعايش المذهبي بغرداية قائم منذ عهد بعيد، والباحثون والعلماء أثبتوا مدى توافق المذهبين في كثير من الأصول والفروع العقدية والشرعية. بينما يعتبر بعض الإعلاميين أن دورهم المهني يقتضي بالضرورة نقل الأحداث دون تهوين أو تهويل، ولا يستهدفون إثارة أي فتنة أو بلبلة بين السكان.
أخيرا، قد بات لزاما إتباع مقاربة شاملة تجمع بين الأبعاد السياسية والاجتماعية وأيضا الأمنية والتنموية لفهم أسباب هذه النزاعات المزمنة بغية التوصل إلى حلول فعالة، ولا ينبغي أن تشكل هذه الخلافات مطية للمسؤولين للتهرب والتنصل من مسؤولياتهم والتغطية على عجزهم، ويصطنعون أسبابا واهية للمشكلات الراهنة فيبدو للرأي العام وكأن كل ما يحدث هو نتيجة "مؤامرة" لا ندري من هو مدبرها ولا من المستفيد منها. فواجب كل مسؤول وكل فرد من المجتمع إحداث الإصلاح والتغيير والتعاون والعمل بجد لتذليل العقبات، بدءا من تسوية المشاكل والملفات العالقة إلى ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية
